خصائص شعر حاج الماحي :
تتميز القصيدة عند حاج الماحي بأنها وحدة متكاملة قائمة بذاتها ، ونلاحظ أثر القصيدة العربية التقليدية واضحاً في شعره .فبناء القصيدة العربية التقليدية كان غالباً ما يجري على هذا السياق استهلال بوصف االمحبوبة أو الناقة أو الفرس ومن ثم يعرج الشاعر على الموضوع الأساسي للقصيدة يتبعه فخر بقبيلته أو بنفسه
ونجد حاج الماحي يسلك ذات النهج في قصائده المختلفة فهو يبدأها دائماً بتمجيد الله سبحانه وتعالي ثم يثنيها بالرسول صلى الله عليه وسلم ثم يعرج على غرضه الأساسي الذي يتمثل في ذكر معجزات الرسول ( الحسية غالباً) أو ذكر بطولات الصحابة أو وصف لرحلة الحج والأماكن المقدسة ثم غالبا ما يجنح للوم نفسه وتأنيبها تأنيباً شديداً مذكراً اياها بالموت والقبر والحساب ً ومن ثم يختم أولا بالدعاء لنفسه ولأصحابه وقد يعدد بعض القرىوالمشايخ وثانياًً بالصلاة المعدودة على الرسول صلى الله عليه وسلم ( بعدد ذرات الرمال ، بعدد المطر بعدد تسبيح الحجيج ، بعدد الأشكال المختلفة للنباتات والحيونات..الخ) بحيث يعدد اصنافاً عديدة منها
وكمثال لتأنيبه نفسه وتحقيره اياها يقول في قصيدة (من عنالك واعتلق)
الماحي عايب واتحمق *** فوقو الذنوب غرقان غرق
يالترقا لى من حالو رَق *** ما خاب مَن بَيك اعتلق
وفي ( شوقي لى مدينة العلم)
الماحي مو فصيح مٌنْبهمْ *** دنيا وأخرى فيك مُنصرِمْ
قول لَبيبي ما يندكمْ *** من جميع جرايماً سِلمْ
وفي (القبة البلوح قنديلا)
الماحي التَليف وخميلا *** نفسو على العيوب راميلا
العقبة البعيدة طويلة *** يا دُخريَّ زادي قليلا
وفي( قصيدة واشوقي للجاه الملك)
الماحي في العيب انهمك *** كان في الشباب تارِك ترك
من كونو في مدحك مَسك *** سانِد عليك ما عِنْدو شَك
وفي (القبة الطَلق نساما)
الماحي الفعالو ملامة *** عايب .. مِن نهار ما قاما
حُوباتو إن لِقا الخَشاما *** أخذ راسا ونَظم قِداما
وفي (طالبات المدينة مُناي)
يقول الماحي ليك غناي *** وقيعاً بَى نسائى وجَناي
تَلِمْ اخواني للسقاي *** عصاتنا البشربو الدكاي
وتكاد لا تخلو قصيدة من قصائده من هذا المنحى
دقة وصفه ومعرفته الجغرافية:
مما لا ريب فيه أن معظم شعراء المديح في السودان يمتازون بدقة الوصف الشعري وربما يرجع ذلك لتأثرهم بشعر العرب الذين كانو يتميزون بهذا الضرب من الشعر
وقد أبدع حاج الماحي في هذا المنحى فهو عندما يصف ناقته وهي وسيلة السفر فى ذلك العهد فكأنك تراها أمامك ..
ففي (سمح الوصوفو) يصف ناقته قائلاً
يا ربّي سَآلك تقبل لى مطلب *** تعطيني جملاً كَبِبي أصهب
مُو الدون قِصيّر وماهو المشقلب *** أصهب بشاري طايع مأدب
صدراً مفجَّج في شوفتو ترغب *** سَرجاَ سناري محكوم مذهب
والفروة مِرعِزْ اتنيها واركب *** فوقو إن رفعت من حينو جَلّب
قُلتْ يا سلاماً أقبل وقبقب *** تسمع مشيهو رجليهو طَبْ طَبْ
ينسف دوايرو بينات يلعب *** ليهو المسافة تِنْصّرْوتقرب
الماحي فوقو بىمدحو يطرب *** بى زمزميتو والزاد محقّب
إن ردت تاكل وإن ردت تشرب *** هوِّى ومُناي في ام سور وكوكب
القبة خضراء ونساما هبهب *** نوصل نزورو وفي شفاعتو نُكتب
أما معرفة حاج الماحي الجغرافية فهي واضحة في ذكره كثيراَ من المناطق داخل السودان وخارجه مع ذكر ما يرتبط بها من نباتات وجبال ومظاهر طبيعية..
يقول في (بتين يا عاشقين نحدَ العُتُول)
تَلِم اخوني لا اولاد ود عُول *** مقاشي الدَتي كنَّار وامبكول
شَرقنا اتقاري لا ساب ود بَلول *** معاك ان شاء الله في الفردوس نِزول
حَواك التلبناب من كل هول *** الكرو تنقاسي أرقي وكَرْمَكول
جعل عربان لاكاجة وكتول *** بباب الجنة ننزاحم دِخول
وفي (بتين يا عاشقين نَحدا الكلوس)
تَلِمْ اخواني لا دار المحوس *** جَعَلْ بَرنو وصِليح واسوان وقوس
دراو واِسنا وقِنا لا سور وأوس*** َحوَاك في الزفة من حَر الشموس
ولعل قصيدة( شوقك شوى الضمير)
بأكملها تقدم نموذجاً جيداً للمعرفة الدقيقة بجغرافية المنطقة
باخواني للباقير *** لا قوز البسابير
مويس والسناهير *** سيال مع الجوير
كرقوس والمغاوير *** بقروس والكِمير
سَقّادي البقاقير *** الدامر والعِشِير
الباوقة والسنِقير *** مقرات مع اب سدير
بى دار المناصير *** جيراني الكجاجير
غِريب الكواوير *** جريف الحواجنير
سقاي ولاد شبير *** عُمراب والسواعير
دويم ود حاج شهير *** الدّتي والحِجير
تنقاسي والقرير *** حِلة ولاد صِبير
جزيرة ود سِرير *** شوايق والبِدير
لا تنسى الجبابير *** في أبْ قُسّي التجاجير
عُربان الهواوير *** لا أرقو والحفير
وأبريم كنوز والدر *** ما يشوفو زمهرير
في زفة الوزير
وفاته:
حسب ارجح الأقوال فحاج الماحي عاش حتى تعدى الثمانين من عمره وقد كف بصره في أخريات ايامه وتوفي سنة 1871 م بالكاسنجر
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ومؤلف الكتاب الجميل ديوان حاج الماحي الأستاذ عمر الحسين محمد خير
شكر خاص للاستاذ:عوض الكريم صديق (منتديات القولد)...
وهذا ماوفقني الله لجمعه ونقله ... وننتظر من الاعضاء المزيد ...