بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المبادئ الاساسية في علوم الحديث
للسيد العلامة محدث الحرمين والحجاز محمد بن علوي المالكي رحمة الله
بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيْم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فهذه مبادئ أولية وقواعد أساسية في مصطلح الحديث الشريف, لا بد منها لكل مبتدئ في هذا الفن على طريقة سهلة قريبة, وضعتها للمبتدئين من إخواننا طلبة العلم الشريف.
أسأل الله تعالى أن ينفع بها, وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم, وأن يفتح علينا فتوح العارفين, وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه.
محمد العلوي المالكي
ـــــ
علم الحديث
يطلق علم الحديث على معنيين:
الأول: يطلق على نقل ورواية ما أضيف إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم, وهو بهذا المعنى يسمى: علم الحديث رواية.
الثاني: أنه يطلق على الطريقة أو المنهج الذي اتبع في كيفية اتصال الأحاديث من حيث أحوال رواتها ضبطًا وعدالة, ومن حيث أحوال السند اتصالاً وانقطاعًا, وعلم الحديث بهذا المعنى هو المعروف بــ: علم الحديث دراية.
علم الحديث رواية: هو علم يشتمل على نقل ورواية ما أضيف إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أقواله التي قالها, وأفعاله التي فعلها, أو تقريراته (أي ما فُعِلَ أمامه فأقرّه) أو أوصافه (يعني شمائله صلّى الله عليه وسلّم, وسيرته قبل البعثة وبعدها) أو نقل ما أضيف إلى الصحابة أو التابعين.
موضوعه: ذات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حيث الأقوال والأفعال والتقريرات.
فائدته: العناية بحفظ السنة النبوية, ومعرفتها ونشرها بين المسلمين, وفي ذلك فائدة بقائها وعدم اندراسها.
واضعه: محمد بن شهاب الزُّهري في خلافة سيدنا عمر بن عبد العزيز, أي أنه أول من دونه وجمعه بأمر سيدنا عمر بن عبد العزيز, فإنه كتب إلى أهل الآفاق أن: انظروا ما كان من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو سنَّته فاكتبوه, فإني خِفْتُ دروس العلم وذهابَ العلماء.
علم الحديث دراية: ويسمى: علم أصول الحديث, أو علم أصول رواية الحديث, أو علم مصطلح الحديث, أو مصطلح أهل الأثر, وهذه التسمية (أي: مصطلح الحديث أو الأثر) هي الأشهر والأوضح وهي أدل على المقصود, وليس فيها شيء من الإبهام والإيهام.
وقد جرى على ذلك الحافظ ابن حجر, فسمى رسالته المشهورة فيه: نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر, ومعنى مصطلح: أي ما اتفق عليه المحدثون من قواعد وأصول.
التعريف المشهور: والتعريف المشهور لعلم مصطلح الحديث هو: علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن.
شرح التعريف:
- القانون: المراد به ما يضبط الجزئيات سواءٌ أكان تعريفًا أو قاعدة.
- السند: هو الطريق الموصلة إلى المتن, أي الرجال الموصلون إلى متن الحديث شيخًا عن شيخ, إلى أن يصل إلى لفظ الحديث, وسمي الطريق سندًا لاعتماد الحفاظ عليه في الحكم على الحديث.
- المتن: هو ما انتهى إليه السند من الكلام.
- الإسناد: هو الإخبار عن طريق المتن وحكايته, وقد يطلق السند على الإسناد, والإسناد على السند, فيكونان مترادفين.
فمثلاً قول البخاري: حدثنا مسدد عن يحيى عن عبد الله بن عمر قال: حدثني خُبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة, ومنبري على الحوض), رواه البخاري في كتاب (فضائل المدينة).
فمسدد ومن بعده إلى أبي هريرة هذا هو الذي يسمى بالسند, وقوله صلّى الله عليه وسلّم (ما بين... الحديث), هذا هو الذي يسمى بالمتن.
- أحوال السند والمتن: أي ما يطرأ على المتن من رفع أو وقف أو شذوذ أو صحة, وما يطرأ على السند من اتصال أو انقطاع أو علو أو نـزول مما سيأتي بيانه.
وإذا علمت تعريفه, فبقي أن تعرف موضوعه:
فأما موضوعه: فالراوي والمروي من حيث القبول والرد.
وأما فائدته: فمعرفة ما يقبل وما يرد من ذلك.
وأما واضعه: فهو القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الشهير بالرامَهُرْمُزي (بفتح الميم وضم الهاء وسكون الراء الثانية وضم الميم الثانية), فإنه أول من صنف في اصطلاح هذا الفن.