إزالة سوء الفهم بين الحنابلة والاشاعره

'أسس الاتفاق والاختلاف في قضايا أصول الدين بين متكلمي الحنابلة والاشاعرة من القرن الخامس حتي الثامن الهجري'.
موضوع بحث نال عنه الباحث: مشعل ركابي الضفيري، درجة الدكتوراة في الفلسفة الاسلامية، وكان ذلك بقسم الفلسفة الاسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة.


تكونت لجنة المناقشة التي منحته الدرجة العلمية من الدكتور محمد السيد الجليند ­ رئيس قسم الفلسفة بالكلية ­ مشرفا
وكل من الدكتور مصطفي محمد حلمي ­ أستاذ الفلسفة بدار العلوم، والدكتور عبدالفتاح أحمد فؤاد ­ وكيل كلية التربية بجامعة الاسكندرية مناقشين.


وفي مقدمة عرضه أوضح الباحث أنه لا يغيب عن ذاكرة التاريخ أن مؤسس المذهب الاشعري الامام أبا الحسن الاشعري نفسه، لما رجع عن مذهب الاعتزال، وعاد، صرح بانتسابه الي مذهب الامام أحمد في الاصول قائلا: 'قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب ربنا عز وجل، وبسنة نبينا، وما روي عن السادة الصحابة، والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن حنبل قائلون ولمن خالف قوله مجانبون'.
فهذا قول مؤسس المذهب، ينبيء بوضوح دون لبس عن مقدار التقارب بين المذهبين وتطابقهما في الاصول.


وقال الباحث: ثمة عوامل ساعدتني علي وضع بذرة التقريب والوحدة بين الفريقين، حتي ولو بقي بعض الاختلاف وظل كل طرف علي تخطئته للطرف الآخر، وذلك بابقاء اختلافهما ضمن الآراء الاجتهادية السائغة داخل المذهب الواحد.


وأضاف: ان التقريب بين هذين المذهبين له فوائده وأهميته للمسلمين كأمة، وذلك بتحديد أسس الاتفاق والاختلاف بين هذين المذهبين توصلا الي تحقيق التقارب بينهما، وخاصة أن تلك الخلافات الفكرية قد استقرت ولا جديد فيها، والتاريخ الاسلامي يحفظ لنا كثيرا من الردود بين هذين المذهبين والتي غلب عليها الانتصار للمذهب، وتفنيد مذهب الخصوم رغم أن الجميع ينشد النصيحة والصواب، ويلتزم الاخلاص.



وأكد الباحث أن قوة الاسلام في تلك العصور كانت لا تمنع الحوار أو الجدل الداخلي بين المذاهب الاسلامية، ولا يؤثر ذلك فيها وكان بامكانها استيعابه، مع أن تلك الخصومات ­ كما يقول التاريخ والباحث ­ وصلت أحيانا الي حد الفتنة.
وأشار الباحث الي أن الزمن ­ الآن ­ قد اختلف وصارت تلك الاحداث رهن التاريخ، وصار المسلمون أحوج الي التقارب المبني علي أصول علمية وشرعية.



هذا وقد جمع الباحث في رسالته بين المنهج التحليلي والمنهج النقدي، وفي ثلاثة أبواب استعرض الباحث مجمل رسالته، حيث تناول فيه الواجب الاول علي المكلف سواء عند متكلمي الحنابلة أو الاشاعرة، وكذلك موقف الفريقين من الادلة النقلية، خاصة موقف متكلمي الحنابلة من الدليل النقلي، وكذلك موقف الاشاعرة منه، وضمن الباحث هذا الباب أيضا موقف الحنابلة والاشاعرة من الدليل العقلي.



وفي الباب الثاني تناول الباحث قضية التوحيد واثبات وجود الله وأوضح مفهوم مصطلح التوحيد وأقسامه عند الفريقين، ثم تناول الاستدلال علي التوحيد، سواء الاستدلال بالفطرة علي وجود الله، وموقف الفريقين منه، وموقفهما أيضا من الاستدلال بالسمع والعقل.


كما تناول الباحث ­ في ذات الباب ­ أسماء الله الحسني ، موضحا قواعد وأقسام الاثبات في الصفات الالهية لدي الفريقين.
أما الباب الثالث والاخير فقد تناول فيه مسائل الايمان من حيث حقيقته ومسماه وزيادة الايمان ونقصانه والاستثناء فيه وحكم مرتكب الكبيرة .


ثم اختتم الباحث هذا الباب بقضية السمعيات، وتناول منهج متكلمي الحنابلة والاشاعرة في اثبات السمعيات.
وفي النهاية أكدت الرسالة أن الحنابلة والاشاعرة من أكثر المذاهب الاسلامية تقاربا في كثير من القضايا الاصولية وقربا الي بعضهما، حتي أن الامر ليصل الي حد تنازع النسبة بين الفريقين حول شخصية من الشخصيات، فنري مترجمي اعلام الحنابلة يذكرونه ضمن اعلامهم، ونري الامر نفسه لدي الاشاعرة.
منقول ...