قَالَ العَلاَّمَةُ حُجَّةِ الإِسلاَمِ أبو جَعفرٍ الوَرَّاقِ الطّحَاوي - بِمصرَ - رَحِمَهُ اللهُ:
هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أهلِ السُنَّةِ وَالجَمَاعَةِ عَلىَ مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الـمِلَّةِ: أَبِي حَنِيفَةَ النُعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ الكُوفِيّ، وَأبِي يُوسُف يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهيِمَ الأَنْصَارِيّ، وَأبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الـحَسَنِ الشَيْبَانِيّ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ لِرَبِ العَالَمِينَ.
َقُولُ فِي تَوحِيدِ اللهِ مُعْتَقِدِينَ بِتَوفِيقِ اللهِ: إِنَّ اللهَ وَاحِدٌ لاَ شَرِيكَ لَهُ. وَلاَ شَئَ مِثلَهُ، وَلاَ شَئَ يُعْجِزَهُ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرَهُ.
قَدِيْمٌ بِلاَ ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بِلاَ انْتِهَاءٍ، لاَ يَفْنىَ وَلاَ يَبِيدُ، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ مَا يُرِيدُ، لاَ تَبْلُغُهُ الأَوْهَامُ وَلاَ تُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ، وَلاَ يُشْبِهُ الأَنَامَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، قَيُّومٌ لاَ يَنَامُ، خَالِقٌ بِلاَ حَاجَةٍ، رَازِقٌ بِلاَ مُؤْنَةٍ، مُمِيتٌ بِلاَ مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلاَ مَشَقَةٍ.
مَازَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيْماً قَبْلَ خَلْقِهِ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ.
وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِياً، كَذَلِكَ لاَ يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِياً، لَيْسَ بَعْدَ خَلْقِ الـخَلْقِ اسْتَفَادَ اسْمَ الـخَالِقِ، وَلاَ بِإحْدَاثِهِ البَرِيَّةِ اسْتَفَادَ اسْمَ البَارِئِ.
لَهُ مَعْنَى الرُبُوبِيَّةِ وَلاَ مَرْبُوبَ، وَمَعْنَى الـخَالِقِ وَلاَ مَخْلُوقَ. وَكَمَا أَنَّهُ مُحْيِي الـمَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هَذَا الاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الـخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَائِهِمْ.
ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيرٌ، وَكُلُّ شَئٍ إِلَيْهِ فَقِيْرٌ، وَكُلُّ أَمْرٍ عَلَيْهِ يَسِيْرٌ، لاَ يَحْتَاجُ إِلىَ شَئٍ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَـْئٌ وَهُوَ السَمِيْعُ البَصِيْرُ}.
خَلَقَ الـخَلْقَ بِعِلْمِهِ، وَقَدَّرَ لَهُمْ أَقْدَاراً، وَضَرَبَ لَهُمْ ءَاجَالاً، وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَئٌ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَعَلِمَ مَا هُمْ عَامِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.
وَكُلُّ شَئٍ يَجْرِي بِتَقْدِيرِهِ، وَمَشِيئَتِهِ، وَمَشِيئَتُهُ تَنْفُذُ لاَ مَشِيئَةُ لِلعِبَادِ إِلاَّ مَا شَاءَ لَهُمْ، فَمَا شَاءَ لَهُمْ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيَعْصِمُ وَيُعَافِي فَضْلاً، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْذِلُ وَيَبْتَلِي عَدْلاً. وَكُلُّهُمْ يَتَقَلَبُونَ فِي مَشِيئَتِهِ بَيْنَ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ. وَهُوَ مُتَعَالٍ عَنِ الأَضْدَادِ وَالأَنْدَادِ. لاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَلاَ مُعْقِبَ لِحُكْمِهِ، وَلاَ غَالِبَ ِلأَمْرِهِ.
ءَامَنَّا بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَيْقَنَّا أَنْ كُلاً مِنْ عِنْدِهِ.
وَإِنَّ مُحَمَّداً صَلىَّ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَبْدُهُ الـمُصْطَفَى، وَنَبِيَهُ الـمُجْتَبَى، وَرَسُولَهُ الـمُرْتَضَى، وَإِنَّهُ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِمَامُ الأَتْقِيَاءِ، وَسَيِّدُ الـمُرْسَلِينَ، وَحَبِيبُ رَبِّ العَالَمِينَ، وَكُلُّ دَعْوَةِ نُبُوَّةٍ بَعْدَ نُبُوَتِهِ فَغَيٌّ وَهَوَى.
وَهُوَ الـمَبْعُوثُ إِلىَ عَامَّةِ الـجِنِّ وَكَافَّةِ الوَرَى بِالـحَقِّ وَالـهُدَى وَبِالنُورِ وَالضِّيَاءِ.
وَإِنَّ القُرْءَانَ كَلاَمُ اللهِ، مِنْهُ بَدَا بِلاَ كَيْفِيَّةٍ قَوْلاً، وَأَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَحْياً، وَصَدَّقَهُ الـمُؤْمِنُونَ عَلىَ ذَلِكَ حَقّاً، وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ كَلاَمُ اللهِ تَعَالىَ بِالـحَقِيقَةِ لَيْسَ بـِمَخْلُوقٍ كَكَلاَمِ البَرِيَّةِ، فَمَنْ سَمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كَلاَمُ البَشَرِ فَقَََد كَفَرَ، وَقَدْ ذَمَهُ اللهُ وَعَابَهُ وَأَوْعَدَهُ بِسَقَرَ حَيْثُ قَالَ تَعَالىَ: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}. فَلَمَّا أَوْعَدَ اللهُ بِسَقَرٍ لِمَنْ قَالَ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ}. عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ قَوْلُ خَالِقِ البَشَرِ، وَلاَ يُشْبِهُ قَوْلَ البَشَرِ.
وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنىً مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، فَمَنْ أَبْصَرَ هَذَا اعْتَبَرَ وَعَنْ مِثْلِ قَوْلِ الكُفَّارِ انْزَجَرَ، وَعَلِمَ أَنَّهُ بِصِفَاتِهِ لَيْسَ كَالبَشَرِ.
وَالرُؤْيَةُ حَقٌّ لأَهْلِ الـجَنَّةِ بِغَيْرِ إِحَاطَةٍ وَلاَ كَيْفِيَّةٍ كَمَا نَطَقَ بِِهِ كِتَابُ رَبِّنَا:} وُجُوهٍ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلىَ رَبِهَا نَاظِرَةٌ.{ وَتَفْسِيْرُهُ عَلىَ مَا أَرَادَهُ اللهُ تَعَالىَ وَعَلِمَهُ، وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الـحَدِيْثِ الصَحِيحِ عَنْ الرَّسُولِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَمَعْنَاهُ عَلىَ مَا أَرَادَ، لاَ نَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُتَأَوِلِينَ بِآرَائِنَا وَلاَ مُتَوَهِمِينَ بِأَهْوَائِنَا، فَإِنَّهُ مَا سَلِمَ فِي دِينِهِ إِلاَّ مَنْ سَلَّمَ للهِ عَزَ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيهِ إِلىَ عَالِمِهِ.
وَلاَ تَثْبُتُ قَدَمٌ فِي الإِسْلاَمِ إِلاَّ عَلىَ ظَهْرِ التَّسْليِمِ وَالاسْتِسْلاَمِ.
فَمَنْ رَامَ عِلْمَ مَا حُظِرَ عَنْهُ عِلْمُهُ وَلَمْ يَقْنَعْ بِالتَّسْلِيمِ فَهْمُهُ، حَجَبَهُ مَرَامُهُ عَنْ خَالِصِ التَّوْحِيدِ، وَصَافِي الـمَعْرِفَةِ، وَصَحِيْحِ الإِيْمَانِ. فَيَتَذَبْذَبَ بَيْنِ الكُفْرِ وَالإِيْمَانِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَالإِقْرَارِ وَالإِنْكَارِ، مُوَسوِساً تَائِهاً شَاكاً، لاَ مُؤْمِناً مُصَدِقًا، وَلاَ جَاحِداً مُكَذِباً.
َولاَ يَصْحُ الإِيْمَانُ بِالرُّؤْيَةِ لأَهْلِ دَارِ السَّلاَمِ لِمَنْ اعْتَبَرَهَا مِنْهُمْ بِوَهْمٍ أَوْ تَأَوَّلَهَا بِفَهْمٍ إِذْ كَانَ تَأوِيلُ الرُّؤْيِةِ وَتَأوِيلُ كُلِّ مَعْنَى يُضَافُ إِلىَ الرُّبُوبِيَةِ بِتَرْكِ التَأوِيلِ وَلُزُومِ التَّسْلِيمِ، وَعَلَيهِ دِينُ الـمُسْلِمِينَ.
وَمَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْيَ وَالتَشْبِيهَ زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْـزِيهَ. فَإِنَّ رَبَّنَا جَلَّ وَعَلاَ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الفَرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ أَحَدٌ مِنَ البَرِيَّةِ.
وَتَعَالىَ عَنِ الـحُدُودِ وَالغَايَاتِ، وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ، لاَ تَحْوِيهِ الـجِهَاتِ الستُّ كَسَائِرِ الـمُبْتَدَعَاتِ.
وَالـمِعْرَاجُ حَقٌّ، وَقَدْ أُسْرِيَ بِالنَّبِي صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعُرَجَ بِشَخْصِهِ فِي اليَقَضَةِ إِلىَ السَّمَاءِ، ثُمَّ إِلىَ حَيْثُ شَاءَ اللهُ مِنَ العُلىَ، وَأكْرَمَهُ اللهُ بِمَا شَاءَ، وَأوْحَى إِليْهِ مَا أَوْحَى، } مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى.{ فَصَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الأَخِرَةِ وَالأُولىَ.
وَالـحَوْضُ الذِي أَكْرَمَهُ اللهُ تَعَالىَ بِهِِ غِيَاثاً لأُمْتِهِ حَقٌّ.
وَالشَّفَاعَةُ الَّتِي ادَّخَرَهَا لَهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُوِيَ فِي الأَخْبَارِ.
وَالـمِيثَاقُ الذِي أَخَذَهُ اللهُ تَعَالىَ مِنْ ءَادَمَ وَذُرِيَتِهِ حَقٌّ.
وَقَدْ عَلِمَ اللهُ تَعَالىَ فِيمَا لَمْ يَزَلْ عَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ الـجَنَّةَ، وَعَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ جُمْلَةً وَاحِدَةً، فَلاَ يُزَادُ فِي ذَلِكَ العَدَدِ وَلاَ يَنْقُصُ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ أفْعَالَهُمْ فِيمَا عَلِمَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ، وَكُلٌ مُيَسَرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. وَالأَعْمَالُ بِالـخَوَاتِيمِ.
وَالسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بِقَضَاءِ اللهِ تَعَالىَ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ بِقَضَاءِ اللهِ تَعَالىَ.
وَأَصْلُ القَدَرِ سِرُّ اللهِ تَعَالىَ فِي خَلْقِهِ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ مَلَكٌ مُقَرَبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الـخِذْلاَنِ، وَسُلَّمُ الـحِرْمَاِن، وَدَرَجَةُ الطُّغْيَانِ، فَالـحَذَرَ كُلَّ الـحَذَرِ مِنْ ذَلِكَ نَظَراً وَفِكْراً وَوَسْوَسَةً، فَإِنَّ اللهَ تَعَالىَ طَوَى عِلْمَ القَدَرِ عَنْ أَنَامِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ كَمَا قَالَ تَعَالىَ فِي كِتَابِهِ:} لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.{ فَمَنْ سَأَلَ لِمَ فَعَلَ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ كَانَ مِنَ الكَافِرِينَ.
فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا يَحْتَاجُ إِليهِ مَنْ هُوَ مُنَوَّرٌ قَلبَهُ مِنْ أَولِيَاءِ اللهِ تَعَالىَ، وَهِيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ، لأَنَّ العِلْمَ عِلْمَانِ: عِلْمٌ فِي الـخَلْقِ مَوجُودٌ، وَعِلْمٌ فِي الـخَلقِ مَفْقُودٌ، فَإِنْكَارُ العِلْمِ الـمَوْجُودِ كُفْرٌ، وَادِّعَاءُ العِلْمِ الـمَفْقُودِ كُفْرٌ، وَلاَ يَثْبُتُ الإِيْمَانُ إِلاَّ بِقَبُولِ العِلمِ الـمَوجُودِ وَتَرْكِ طَلَبِ العِلْمِ الـمَفْقُودِ.
وَنُؤْمِنُ بِاللَّوحِ وَالقَلَمِ وَبِجَمِيعِ مَا فِيهِ قَدْ رُقِمَ. فَلَوِ اجْتَمَعَ الـخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلىَ شَئٍ كَتَبَهُ اللهُ تَعَالىَ فِيهِ أَنَّهُ كَائِنٌ لِيَجْعَلُوهُ غَيْرَ كَائِنٍ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. وَلَوِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلىَ شَئٍ لَمْ يَكْتُبُهُ اللهُ تَعَالىَ فِيهِ لِيَجْعَلُوهُ كَائِناً لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. جَفَّ القَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلىَ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَا أَخْطَأَ العَبْدُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَمَا أَصَابَهِ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ.
وَعَلىَ العَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ قَدْ سَبَقَ عِلْمُهُ فِي كُلِّ كَائِنٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَقَدَّرَ ذَلِكَ تَقْدِيراً مُحْكَماً مُبْرَماً لَيْسَ فِيهِ نَاقِِضٌ وَلاَ مُعَقبٌ وَلاَ مُزِيلٌ وَلاَ مُغَيْرٌ وَلاَ مُحَوَّلاٌ وَلاَ نَاقِصٌ وَلاَ زَائِدٌ مِنْ خَلْقِهِ فِي سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ
وَذَلِكَ مِنْ عَقْدِ الإِيْمَانِ وَأُصُولِ الـمَعْرِفَةِ وَالاعْتِرَافِ بِتَوحِيدِ اللهِ تَعَالىَ وَرُبُوبِيَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالىَ فِي كِتَابِهِ:} وَخَلَقَ كُلَّ شَـْئٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً.{ وَقَالَ تَعَالىَ:} وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً.{
فَوَيْلٌ لِمَنْ صَارَ للهِ تَعَالىَ فِي القَدَرِ خَصِيماً، وَأَحْضَرَ لِلنَّظَرِ فِيهِ قَلْباً سَقِيماً، لَقَدِ التَمَسَ بِوَهْمِهِ فِي فَحْصِ الغَيْبِ سِرًّا كَتِيماً، وَعَادَ بِمَا قَالَ فِيهِ أَفَّاكاً أَثِيماً.
وَالعَرْشُ وَالكُرْسِيُّ حَقٌ، وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنِ العَرْشَ وَمَا دُونَهُ، مُحِيْطٌ بِكُلِّ شَئٍ وَفَوْقَهُ، وَقَدْ أعْجَزَ عَنِ الإِحَاطَةِ خَلقَهُ.
وَنَقُولُ: إِنَّ اللهَ اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَكَلَّمَ مُوسَى تَكلِيمَا إِيـمَاناً وَتَصْدِيقاً وَتَسلِيماً.
وَنُؤْمِنُ بِالـمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيينَ وَالكُتُبِ الـمُنَـزَّلَةِ عَلىَ الـمُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلىَ الـحَقِّ الـمُبِينَ.
وَنُسَمِّي أَهْلَ قِبْلَتِنَا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ، مَا دَامُوا بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيّ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَرِفِينَ، وَلَهُ بِكُلِّ مَا قَالَهُ وَأَخْبَرَ مُصَدِقِينَ غَيْرَ مُنْكِرِينَ.
وَلاَ نَخُوضُ فِي اللهِ وَلاَ نُمَارِي فِي دِينِ اللهِ. وَلاَ نُجَادِلُ فِي القُرْءَانِ، وَنَشْهَدُ أَنَّهُ كَلاَمُ رَبِّ العَالـَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، فَعَلَّمَهُ سَيِّدَ الـمُرْسَلِينَ مُحَمَّداً صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ كَلاَمُ اللهِ تَعَالىَ، لاَ يُسَاوِيهِ شَئٌ مِنْ كَلاَمِ الـمَخْلُوقِينَ، وَلاَ نَقُولُ بِخَلْقِهِ، وَلاَ نُخَالِفُ جَمَاعَةَ الـمُسْلِمِينَ.
وَلاَ نُكَفِّرُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ، وَلاَ نَقُولُ لاَ يَضُرُّ مَعِ الإِيْمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ.
نَرْجُو لِلمُحْسِنِينَ مِنَ الـمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَيُدْخِلَهُمُ الـجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَلاَ نَأمَنُ عَلَيْهِمْ، وَلاَ نَشْهَدُ لَهُمْ بِالـجَنَّةِ، وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهمْ وَنَخَافُ عَلَيهِمْ وَلاَ نُقَنِّطَهُمْ.
وَالأَمْنُ وَالإِيَاسُ يَنْقُلاَنِ عَنْ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ، وَسَبِيلُ الـحَقِّ بَيْنَهُمَا لأَهْلِ القِبْلَةِ.
وَلاَ يَخْرُجُ العَبْدُ مِنْ الإِيْمَانِ إِلاَّ بِجُحُودِ مَا أَدْخَلَهُ فِيهِ.
وَالإِيْمَانُ هُوَ الإِقْرَارُ بِاللَّسَانِ وَالتَّصْدِيقُ بِالـجِنَانِ.
وَجَمِيعُ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلىّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّرْعِ وَالبَيَانِ كُلُّهُ حَقٌّ.
وَالإِيْمَانُ وَاحِدٌ، وَأَهْلُهُ فِي أَصْلِهِ سَوَاءٌ وَالتَفَاضُلُ بَيْنَهُمْ بِالـخَشْيَةِ وَالتُقَى وَمُخَالَفَةِ الـهَوَى وَمُلاَزَمَةِ الأُولىَ.
وَالـمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ الرَّحْمَنِ وَأَكْرَمَهُمْ، عِنْدَ اللهِ أَطْوَعُهُمْ وَأتْبَعُهُمْ لِلقُرْءَانِ.
وَالإِيْمَانُ هُوَ الإِيْمَانُ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَومِ الآخِرِ، وَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالىَ. وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ كُلَّهُ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَنُصَدِّقُهُمْ كُلُّهُمْ عَلىَ مَا جَاءُوا بِهِ.
وَأَهْلُ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ فِي النَّارِ لاَ يَخْلُدُونَ إِذاَ مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا تَائِبِينَ بَعْدَ أَنْ لَقُوا اللهَ عَارِفيِنَ مُؤْمِنِينَ، وَهُمْ فِي مَشِيئَتِهِ وَحُكْمِهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ بِفَضْلِهِ، كَمَا ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ:} وَيِغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ.{ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ فِي النَّارِ بِعَدْلِهِ ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا بِرَحْمَتِهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ مِنْ أَهْلِ طاَعَتِهِ ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ إِلىَ جَنَّتِهِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ تَعَالىَ تَوَلىَّ أَهْلَ مَعْرِفَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ فِي الدَّارَينِ كَأَهْلِ نُكْرَتِهِ الذِينَ خَابُوا مِنْ هِدَايَتِهِ وَلَمْ يَنَالُوا مِنْ وِلاَيَتِهِ.
اللَّهُمَّ يَا وَليَّ الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ ثَبِّتْنَا عَلىَ الإِسْلاَمِ حَتىَّ نَلْقَاكَ بِهِ.
وَنَرَى الصَّلاَةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ، وَعَلىَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ.
وَلاَ نُنَـزِّلُ أَحَداً مِنْهُمْ جَنَّةً وَلاَ نَاراً، وَلاَ نَشْهَدُ عَلَيْهُمْ بِكُفْرٍ وَلاَ بِشِرْكٍ وَلاَ بِنِفَاقٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ شَئٌ مِنْ ذَلِكَ، وَنَذَرُ سَرَائِرَهُمْ إِلىَ اللهِ تَعَالىَ.
وَلاَ نَرَى السَّيْفَ عَلىَ أَحْدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّيْفُ.
وَلاَ نَرَى الـخُرُوجَ عَلىَ أَئِمَّتِنَا وَوُلاَةِ أَمُورِنَا وَإِنْ جَارُوا، وَلاَ نَدْعُو عَلَيْهِمْ، وَلاَ نَنْـزعُ يَداً مِنْ طَاعَتِهِمْ، وَنَرَى طَاعَتَهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرِيْضَةً مَا لَمْ يَأمُرُوا بِمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُو لَهُمْ بِالصَّلاَحِ وَالـمُعَافَاةِ.
وَنَتْبِعُ السُّنَّةَ وَالـجَمَاعَةَ، وَنَجْتَنِبُ الشُذُوذَ وَالـخِلاَفَ وَالفُرْقَةَ.
وَنُحِبُ أَهْلَ العَدْلِ وَالأَمَانَةِ وَنُبْغِضُ أَهْلَ الـجَوْرِ وَالـخِيَانَةِ.
وَنَقُولُ اللهُ أعْلَمُ فِيْمَا اشْتَبَهَ عَلَيْنَا عِلْمُهُ.
وَنَرَى الـمَسْحَ عَلىَ الـخُفَّينِ فِي السَّفَرِ وَالـحَضَرِ كَمَا جَاءَ فِي الأَثَرِ.
وَالـحَجُّ وَالـجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولِي الأَمْرِ مِنْ الـمُسْلِمِينَ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ إِلىَ قِيَامِ السَّاعَةِ لاَ يُبْطِلُهُمَا شَئٌ وَلاَ يَنْقُضُهُمَا.
وَنُؤْمِنُ بِالكِرَامِ الكَاتِبِينَ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُمْ عَلَيْنَا حَافِظِينَ، وَنُؤْمِنُ بِمَلَكِ الـمَوْتِ الـمُوَكَّلِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ العَالَمِينَ، وَبِعَذَابِ القَبْرِ لِمَنْ كَانَ لَهُ أَهْلاً، وَسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ فِي قَبْرِهِ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنِبِيِهِِ عَلىَ مَا جَاءَتْ بِهِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ.
وَالقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الـجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيْرَانِ.
وَنُؤْمِنُ بِالبِعْثِ وَجَزَاءِ الأَعْمَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالعَرْضِ وَالـحِسَابِ وَقِرَاءَةِ الكِتَابِ وَالثَوَابِ وَالعِقَابِ وَالصِّرَاطِ وَالـمِيزَانِ.
وَالـجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لاَ تَفْنَيَانِ أَبَداً وَلاَ تَبِِيدَانِ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالىَ خَلَقَ الـجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ الـخَلْقِ وَخَلَقَ لَهُمَا أَهْلاً، فَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلىَ الـجَنَّةَ فَضْلاً مِنْهُ وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلىَ النَّارِ عَدْلاً مِنْهُ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا قَدْ فُرِغَ لَهُ وَصَائِرٌ إِلىَ مَا خُلِقَ لَهُ.
وَالـخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقَدَّرَانِ عَلىَ العِبَادِ.
وَالاسْتِطَاعَةُ التِي يَجِبُ بِهَا الفِعْلُ مِن نَحْوِ التَّوْفِيقِ الذِي لاَ يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ الـمَخْلُوقُ بِهِ فَهِيَ مَعَ الفِعْلِ، وَأَمَّا الاسْتِطَاعَةُ مِنْ جِهَةِ الصَّحَةِ وَالوُسْعِ وَالتَّمَكُّنِ وَسَلاَمَةِ الآلاَتِ فَهِيَ قَبْلَ الفِعْلِ، وَبِهَا يَتَعَلَقُ الـخِطَابُ، وَهِيَ كَمَا قَالَ تَعَالىَ:} لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعُهُا.{
وَأَفْعَالُ العِبَادِ خَلْقُ اللهِ وَكَسْبٌ مِنْ العِبَادِ. وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ اللهُ تَعَالىَ إِلاَّ مَا يُطِيقُونَ، وَلاَ يُطَيَّقُونَ إِلاَّ مَا كَلَّفَهُمْ، وَهُوَ تَفْسِيرُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
نَقُولُ: لاَ حِيْلَةَ لأَحَدٍ، وَلاَ حَرَكَةَ لأَحَدٍ وَلاَ تَحَوُّلَ لأَحَدٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ بِمَعُونَةِ اللهِ، وَلاَ قُوَةَ لأَحَدٍ عَلَى إِقَامَةِ طَاعَةِ اللهِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهَا إِلاَّ بِتَوفِيقِ اللهِ.
وَكُلُّ شَئٍ يَجْرِي بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالىَ وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ. غَلَبَتْ مَشِيْئَتُهُ الـمَشِيْئَاتِ كُلَّهَا، وَغَلَبَ قَضَاؤُهُ الـحِيَلَ كُلَّها. يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ أَبَداً، تَقَدَّسَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ وَحَيْنٍ، وَتَنَـزَّهَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَشَيْنٍ } لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.{
وَفِي دُعَاءِ الأَحْيَاءِ وَصَدَقَاتِهِمْ مَنْفَعَةٌ للأَمْوَاتِ، وَاللهُ تَعَالىَ يَسْتَجِيبُ الدَّعَوَاتِ وَيِقْضِي الـحَاجَاتِ، وَيَمْلِكُ كُلَّ شَئٍ وَلاَ يَمْلِكُهُ شَئٌ، وَلاَ غِنَى عَنِ اللهِ تَعَالىَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنِ اللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَقَدْ كَفَرَ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ الـحَيْنِ.
وَاللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى لاَ كَأَحَدٍ مِنْ الوَرَى.
وَنُحِبُّ أصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ نُفْرِطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلاَ نَتَبَرَّأ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ وَبِغَيْرِ الـخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلاَ نَذْكُرُهُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيْمَانٌ وَإِحْسَانٌ وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.
وَنُثْبِتُ الـخِلاَفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَوَلاً لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِيقِ رَضِي اللهُ عَنْهُ، تَفْضِيلاً لَهُ وَتَقْدِيْماً عَلىَ جَمِيْعِ الأُمَّةِ. ثُمَّ لِعُمَرَ بْنِ الـخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ لِعَيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُمُ الـخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالأَئِمَةِ الـمُهْتَدُونَ.
وَإِنَّ العَشَرَةَ الذِينَ سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَشَرَهُمْ بِالـجَنَّةِ، نَشْهَدُ لَهُمْ بِالـجَنَّةِ، عَلىَ مَا شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَولُهُ الـحَقُّ، وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَليٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَسَعِيْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الـجَرَّاحِ، وَهُوَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَمَنْ أَحْسَنَ القَوْلَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَذُرِّيَّاتِهِ الـمُقَدَسِينَ مِنْ كُلِّ رَجْسٍ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ النِّفَاقِ.
وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنْ السَّابِقِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ أَهْلُ الـخَيْرِ وَالأَثَرِ، وَأَهْلُ الفِقْهِ وَالنَّظَرِ، لاَ يُذْكَرُونَ إِلاَّ بِالـجَمِيلِ وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فَهُوَ عَلىَ غَيْرِ السَّبِيلِ.
وَلاَ نُفَضِّلُ أَحَداً مِنَ الأَوْلِيَاءِ عَلىَ أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، وَنَقُولُ نَبيٌّ وَاحِدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الأَوْلِيَاءِ.
وَنُؤْمِنُ بَمَا جَاءَ مِنَ كَرَامَاتِهِمْ، وَصَحَّ عَنِ الثِقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ.
وَنُؤْمِنُ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ مِنْ خُرُوجِ الدَّجَالِ، وَنُزُولِ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ السَّمَاءِ، وَنُؤْمِنُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ دَابَّةِ الأَرْضِ مِنْ مَوْضِعِهَا.
وَلاَ نُصَدِقُ كَاهِناً وَلاَ عَرَّافاً وَلاَ مَنْ يَدَّعِي شَيْئاً يُخَالِفُ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ.
وَنَرَى الـجَمَاعَةَ حَقاً وَصَوَاباً، وَالفِرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً.
وَدِينُ اللهِ فِي الأرضِ وَالسَّمَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ الإِسْلاَمِ، قِالِ اللهُ تَعَالىَ:} إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمَ.{ وَقَالَ تَعَالىَ:} وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً.{ وَهُوَ بَيْنَ الغُلُوِّ وَالتَقْصِيرِ، وَبَيْنَ التَشْبِيهِ وَالتَعْطِيلِ، وَبَيْنَ الـجَبْرِ وَالقَدْرِ، وَبَيْنَ الأَمْنِ وَالإِيَاسِ.
فَهَذَا دِيْنُنَا وَاعْتِقَادُنَا ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَنَحْنَ بُرَءَاءُ إِلىَ اللهِ مِنْ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الذِي ذَكَرْنَاُه وَبَينَاهُ.
وَنَسأَلُ اللهَ تَعَالىَ أَنْ يُثَبِتَنَا عَلىَ الإِيْمَانِ وَيَخْتِمَ لَنَا بِهِ، وَيَعْصِمَنَا مِنَ الأَهْوَاءِ الـمُخْتَلِفَةِ وَالآرَاءِ الـمُتَفَرِقَةِ وَالـمَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ، مِثْلِ الـمُشَبِهَةِ وَالـمُعْتَزِلَةِ وَالـجَهْمِيَةِ وَالـجَبْرِيَّةِ وَالقَدَرِيَّةِ، وَغَيْرَهُمْ مِنَ الذِينَ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَالـجَمَاعَة وَحَالَفُوا الضَّلاَلَةِ، وَنَحْنَ مِنْهُمْ بَرَاءٌ وَهُمْ عِنْدَنَا ضُلاَّلٌ وَأَرْدِيَاء، وَبِاللهِ العِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقِ.
الان اليكم رابط تحميل المتن اعلاه كتاب الكتروني بصيغة PDF ليسهل مطالعته علي الجهاز :