مقدمةالخلية العصبية هي الوحدة الأساسية لبناء الجهاز العصبي في الكائنات الحية، وتنتشر مليارات الخلايا العصبية في جسم الكائن الحي و تتفرع إلى زوائد تعمل على نقل الشعور بالإحساس و ردود الأفعال من و إلى الدماغ. و يعد التعلم و اكتساب و تخزين المعرفة، من الوظائف الأساسية للخلايا العصبية بجانب جمع و معالجة و توزيع الإشارات الكهربائية، التي تمثل السيلات العصبية. و تكمن قابلية الدماغ لمعالجة المعلومات، في حقيقة وجود شبكات مكونة من هذه الخلايا.
|
شكل 1
|
إن من أهم الصعوبات التي تواجه الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، هو التوصل إلى صنع آله أو جهاز قادر على التعلم و اكتساب معرفة تساعده على حل المشاكل التي يواجهها في المستقبل.
لذا فقد سعى بعض العلماء في محاولة محاكاة الجهاز العصبي و بالأخص الخلايا العصبية في الكائنات الحية، و ذلك من خلال بناء نماذج لخلايا عصبية اصطناعية لها خواص مشابهه للخلايا العصبية الحية.
ماهي الشبكة العصبية الاصطناعية
هي نموذج حسابي مبني على خواص الشبكة العصبية الحيوية، و يتكون من وحدات مترابطة بعضها البعض بروابط اعتمادية (Dependencies) ، و تقوم هذه الشبكات بمعالجة البيانات باستخدام مبدأ حساب يسمى بـ (Connectionist Approach) – شرح هذا المبدأ يفوق مستوى المقال.
تعتبر الشبكة العصبية الاصطناعية نظام قابل للتكيف (adaptive system)، حيث تتغير بنيته إعتماداً على المعلومات التي تعبر من خلاله في ما يسمى بمرحلة التعلم.
يكمن الاستخدام العملي لهذه الشبكات في امكانية تطبيق خوارزميات مصممة لتغيير وزن (أو قوة) الروابط، التي تربط الخلايا العصبية الاصطناعية ببعضها، لإنتاج سيل عصبي معين، فعل أو رد فعل.
و يبرز استخدام الشبكات العصبية الاصطناعية بشكل كبير في مجالات الإحصاء، علم النفس المعرفي و الذكاء الاصطناعي.
مفهوم الشبكة في الشبكات العصبية الاصطناعية
الشبكة كنموذج رياضي تُمثل دالة
f : X -> Y
حيث أن الدالة (f(x عبارة عن مجموعة من دوال أخرى(gi(x و التي بدورها قد تكون عبارة عن مجموعة أخرى من الدوال، و هكذا.
بهذه الطريقة يمكن تمثيلها كشبكة من المتغيرات ترتبط بعضها البعض بأسهم تدل على الإعتمادية. كما في الشكل 2.
و يمكن النظر إلى هذه الشبكة من ناحيتين:
الأولى: ناحية و ظيفية، حيث نبدأ من المعطى x و ننتقل عبر الشبكة وصولاً إلى f ، و تستخدم هذه الطريقة عادة لحل المشاكل التي نرغب فيها للوصول إلى أمثل حل (Optimization Problems).
الثانية: ناحية احتمالية، حيث نبدأ من متغير عشوائي f و الذي يعتمد على المتغيرات التي تسبقه (g,h...) وصولاً إلى x ، و تستخدم هذه الطريقة في نماذج الرسوم البيانية في الإحصاء.
|
شكل 2
|
التعلم في الشبكات العصبية الاصطناعية
بافتراض وجود عدد من المشاكل المراد حلها و مجموعة من الحلول F
فإن مبدأ التعلم في الشبكات العصبية الاصطناعية يعني استخدام عدد من الملاحظات من البيئة المحيطة، قد تكون هذه الملاحظات عبارة عن بيانات تم تخزينها من تجارب سابقة، لإيجاد و هي الدالة التي بواسطتها يمكن حل المشكلة بأمثل طريقة ممكنة. و هذا يقودنا إلى ضرورة تعريف دالة التكلفة(Cost Function)، و هي عبارة عن مقياس لمعرفة مدى جودة الحل، و قد تعبّر التكلفة عن كمية الوقت أو مدى استخدام المعالج أو الذاكرة أو أي مصادر أخرى لحل المشكلة.
نرمز لدالة التكلفة بـ C حيث يتحقق التالي
أي أنه لا يوجد حل له تكلفة أقل من تكلفة الحل الأمثل *f .
و يقوم عمل الخوارزميات التي تُبنى عليها الشبكات العصبية الاصطناعية على البحث في فضاء الحلول F لإيجاد *f.
تطبيقات على الشبكات العصبية الاصطناعيةيوجد الكثير من تطبيقات الشبكات العصبية الاصطناعية في مجالات مختلفة و نلاحظ أن تطبيقاتها تعتمد كثيراً على مبدأ التعلم. و من أهمها مجال التعرف على الأنماط (Pattern Recognition)، التعرف على الأصوات (Speech Recognition)، صناعة الرجل الآلي (robotics)، التحكم (Controlling) و مجالات التشحيص الطبي.
و يمكنكم مشاهدة مثال على إحدى تطبيقات الشبكات العصبية الاصطناعية في مجال التحكم -مقطع مصور 1، و يتضح ذلك من خلال صنع مركبة تسير في مسارات، و يكون هدف المركبة هو زيادة السرعة بدون الخروج عن المسار. ولإيضاح الشرح السابق، يمكن القول بأن دالة التكلفة في هذا المثال هي الخروج عن المسار بالإضافة إلى بطء المركبة، فالحل هو إيجاد أقل قيمة لدالة التكلفة.
مثال لإحدى تطبيقات الشبكات العصبية الاصطناعية
|
مقطع مصور 1 |
خاتمةالشبكات العصبية الصناعية مجال واسع جداً و يرتبط كثيراً بمجالات الذكاء الاصطناعي الأخرى مثل الخوارزمية الجينية (Genetic Algorithm) وغيرها الكثير.
ما يزيد الموضوع إعجاباً في نظري هو قدرة العقل البشري للتوصل إلى فهم طريقة عمل الخلايا العصبية الحية، و محاولة محاكاتها لجعل الآلة قادرة على حل المشاكل بطريقة تشابه بشكل بسيط جداً الطريقة الطبيعية. لكن بالطبع ما توصل إليه العلماء في هذا المجال إلى يومنا الحاضر، لا يمثل إلا ذرة مقارنة بما يمكن للجهاز العصبي الحيوي فعله. فسبحان الخالق عز وجل الذي قال في كتابه الكريم ((و ما أوتيتم من العلم إلا قليلاً))