الاحتجاج بخبر الاحاد في مسائل الاعتقاد

وهذه مقدمته:


الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض.وجعل انتفاء الفساد عنهما دليلا على وحدانيته.وأنطق هذا الكون بآيات وجوده.والصلاة والسلام على مبعوث رحمته وجوده،وخاتم رسله وأوليائه، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله.

وبعد: فإن الإسلام عقيدة وشريعة. وأساس الإسلام عقيدته التي تستوجب الالتزام بما جاء به من عبادات وأخلاق. ولما كانت العقيدة ركن الدين وأساسه فقد تكفل القرآن الكريم ببيان أمهات مسائل الاعتقاد. وجاء في السنة المطهرة الكثير من الأحاديث الواردة في مسائل الاعتقاد. ولو تتبعنا هذه الأحاديث لوجدناها لا تختلف عن بيان النبي صلى الله عليه وسلم لكتاب ربه الكريم في انقسامها إلى أنواع البيان المعروف. فبعض هذه الأحاديث يشهد لما ثبت في القرآن من غير زيادة، وبعضها ينسجم مع ظواهر القرآن الكريم فيدل على وجه من الوجوه التي يحتملها لفظ الكتاب، وبعضها يبين ويفصل ما ورد أصله في الكتاب، وبعضها يتحدث عن عقيدة سكت عنها الكتاب الكريم.

وفي عصر الرسالة لم يكن ثمة تفريق من حيث ثبوت الحجية بين ما جاء في القرآن الكريم وما أخبر به الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد آمن الصحابة رضوان الله عليهم بما أخبر به النبي وبلغ. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم يرجعون إليه في توضيح المشكل وبيان المجمل فلم يظهر في هذا العصر نزاع في مسائل الاعتقاد.

ولما التحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى كان الصحابة رضوان الله عليهم قد تلقوا سنته المطهرة حفظا وتطبيقا، ونقلوها إلى التابعين لهم بإحسان. ولم تكن رواية أحاديث العقائد في عصرهم مستقلة بمعزل عن باقي مواضيع الحديث النبوي الشريف. ولما ظهرت الحاجة إلى التدوين دونت السنة من غير عزل لما تعلق منها بالعقائد.

ولما ظهرت البدعة أفرد بعض أهل الحديث أحاديث العقيدة بالجمع والتصنيف. وأخذت مسألة حجية الأخبار تطرح تحت الدرس بين ناف ومثبت. وكثر الجدال في هذه المسألة وابتعد كثير من المتنازعين فيها عن الموضوعية والعلم، حتى وصل الأمر ببعض المثبتين إلى الاحتجاج ببعض الأخبار المنكرة المستشنعة الموسومة بهشاشة السند وسقامة المتن، يحتجون لذلك بأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون حجة في العقائد حتى لو كان مرويا بتقل الآحاد، ووصل الأمر ببعض النافيين إلى المشاغبة على إثبات بعض ما تناقلته الأمة من مسائل العقيدة جيلا عن جيل متذرعين بقولهم خبر الآحاد لا تثبت به العقيدة.


لمتابعة الكتاب أضغط هنــــــــا